روني بردغجي.. الرهان الذهبي لبرشلونة في سوق الانتقالات الصيفي

في خطوة تعكس توجهًا جديدًا في سياسة التعاقدات، أعلن نادي برشلونة عن ضم الجناح الشاب روني بردغجي، أحد أبرز المواهب الصاعدة في أوروبا، في صفقة منخفضة التكلفة لكنها غنية بالإمكانات الفنية والمستقبلية. الصفقة التي أثارت تساؤلات بسبب قلة دقائق اللاعب في الموسم الماضي، تحمل بين طياتها مشروعًا طويل الأمد في كامب نو، في ظل الأزمة المالية التي تحاصر العملاق الكتالوني.
موهبة مبكرة بأصول عربية
ولد روني بردغجي لأب من أصول عربية، ولفت الأنظار منذ سنواته الأولى في الكرة السويدية، قبل أن يسطع نجمه في صفوف كوبنهاغن الدنماركي. ورغم صغر سنه، شارك في أكثر من 100 مباراة في مختلف المسابقات، وسجل 23 هدفًا وقدم 5 تمريرات حاسمة، مما يعكس قدرته على المساهمة الهجومية بشكل فعّال، خاصة من مركز الجناح الأيمن.
بعيدًا عن التهويل، سجل بردغجي 12 هدفًا في 39 مباراة بالدوري الدنماركي الممتاز، وهو معدل جيد بالنظر إلى مركزه وظروف مشاركته، كما أن ظهوره في دوري أبطال أوروبا – وتسجيله في شباك مانشستر يونايتد – يؤكد جاهزيته للتألق في المحافل الكبرى.
لكن خلف هذه الأرقام تبرز إصابة قوية في الركبة أبعدته لنحو عام عن الملاعب، وتسببت في انخفاض حاد بمشاركاته خلال موسم 2024-2025، وهي نقطة جوهرية لم يتجاهلها برشلونة قبل التوقيع.
فليك يعوّل على سلاح السرعة والابتكار
تشابي ألونسو لم يكن وحده من يرى في بردغجي مشروع نجم مستقبلي، بل إن هانسي فليك، المدرب الجديد لبرشلونة، أبدى إعجابه بخصائص اللاعب الفنية: جناح يتمتع بسرعة كبيرة، ومهارة عالية في المراوغة، وقدرة على اللعب بكلتا القدمين، مع ذكاء تكتيكي يجعله مناسبًا تمامًا لأسلوب فليك الذي يعتمد على الأطراف النشطة.
بردغجي ليس مجرد جناح تقليدي؛ بل يصنّف كمهاجم داخلي، يحب الانطلاق من الطرف والدخول نحو العمق، تمامًا كما كان يفعل روبن أو صلاح. كما يستطيع أداء أدوار متعددة في خط الهجوم، بل وحتى خلف المهاجم في دور صانع اللعب.
برشلونة تعاقد مع اللاعب مقابل ما يُقارب 2 مليون يورو فقط، وهو رقم زهيد مقارنة بالقيمة السوقية لمواهب أخرى في نفس عمره. هذا الرقم المنخفض يعود جزئيًا إلى الإصابة الطويلة التي تعرض لها، مما يمنح برشلونة فرصة “إعادة تأهيل” موهبته دون ضغط جماهيري أو مالي.
العقد يمتد حتى صيف 2029، وهو مؤشر على نية النادي المراهنة على اللاعب على المدى الطويل، مع خطة تدريجية للدمج داخل الفريق الأول. فليك لن يدفع به بشكل مباشر في المباريات الكبرى، بل سيُخصص له برنامجًا تصاعديًا لاستعادة مستواه تدريجيًا.
فلسفة ديكو الجديدة.. الشباب أولًا
تأتي هذه الصفقة انسجامًا مع توجه المدير الرياضي ديكو، الذي يعمل على إعادة بناء الفريق بالاعتماد على لاعبين شبان ذوي إمكانيات عالية، يتم التعاقد معهم بتكاليف معقولة وعقود طويلة الأجل. فبعد الفشل في ضم أسماء مثل نيكو ويليامز، لجأ برشلونة إلى استكشاف المواهب “ما قبل الانفجار”، وبردغجي هو أحد هذه الرهانات.
روني بردغجي ليس صفقة تسويقية، بل مشروع كروي طموح. هو رهان ذهبي يوازن بين المغامرة والتخطيط، وبين الواقع المالي والطموح الرياضي. وإذا نجح فليك في استغلال موهبته بالشكل الأمثل، فإن برشلونة قد يكون عثر على جوهرته القادمة من قلب الشمال الأوروبي، ذات الجذور العربية.