لكل زمان دولة ورجال، أسماء خلدتها المشاهد الزمنية، ولا سيما تلك التي ظلت قابعة بذاكرتنا بالصفات النبيلة، ولعل عقد الثمانينيات دون حقب غيرها كانت مضرباً للأمثال المتلاحقة جيلا تلو جيل.
حين رسم الفيلسوف أفلاطون (ت 427 ق.م ) بمخيلته وجود “المدينة الفاضلة” التي تدل على مفهوم الحضارة و المثالية، يحكمها فلاسفة عنوانها المعيارية، خاوية من كل شوائب الضغينة والزيف والغل والنفاق الاجتماعي وخلافه، مرنه ببساطة التعامل وصفاء النية، حكماء بتداول الآراء بين أطياف المجتمع، ونابذة لكل الخلافات التي تسهم في تعكير الحياة، ويسود بين الشعوب الألفة، لخلق صورة مثالية لتلك المدينة، التي ظلت حبيسة أذهان الأزمنة وعالقة بالذاكرة.
لقد شهدت العقود الزمنية “السبعينات، والثمانيات، وبداية التسعينات” مدينة “جيل الطيبين” وبرأيي هي الأجدر بأن تحظى بمسمى “المدينة الفاضلة” بصورتها التي كانت تراود الفيلسوف لتحقيقها على أرض الواقع.
شهد عصر مدينة “جيل الطيبين” أروع أمثال المعيارية والحكمة، والعفوية التي تجلت بأفعالهم في نقاء قلوبهم والبساطة التي تقتات صدق نواياهم، وصلة الرحمة السائدة بينهم، ليشهد كل من عاصر “جيل الطيبين” بأنه حظي بالعيش في المدينة الفاضلة التي لم يحظ – برأيي – أفلاطون وغيره من الفلاسفة بالعيش بها.
لقد تصدرت مدينة “جيل الطيبين” المشهد على لسان كل من عاصرها والأجيال المتلاحقة بأنها حقبة استثنائية غير قابلة للتكرار لنتعلم من تجاربها ونتعظ من قصصها ونقتدي بصفاتها لزرع صورة مشابهة لتلك الحقبة.
خارج النص …
لعلك يا عزيزي القارئ تتساءل غداً في أي حقبة سيذكرك التاريخ ؟ وهل سيكتب عنك التاريخ كما كتب عن المدينة الفاضلة؟ عذرًا مدينة “جيل الطيبين”.