في خطوة وصفها المراقبون بـ “التاريخية”، يعتزم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة السعودية والاجتماع مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، اليوم الخميس.تأتي الزيارة لتنهي تركيا بذلك سنوات من القطيعة، إثر خلاف علني عميق
زيارة أردوغان إلى المملكة تأتي في سياق جهود أنقرة لفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع القوى الإقليمية المجاورة لها وبالأخص مع دول الخليج “دون تمييز” حسب تعبير سابق لأردوغان.
تواصلت تركيا مع العديد من دول الخليج من أجل الحصول على دعم اقتصادي في وقت تواجه فيه تضخما حادا، تفاقم بارتفاع أسعار الطاقة بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
وسبق أن استقبل أردوغان ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، في أنقرة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، تعهد خلالها الأخير باستثمارات ضخمة في تركيا. وبعدها توجه أردوغان إلى الدوحة في مطلع ديسمبر/ كانون الأول في زيارة استغرقت يومين.
فوائد اقتصادية وسياسية
قال جواد كوك، المحلل السياسي التركي، إن الزيارة المرتقبة للرئيس التركي للمملكة، تأتي استكمالًا لخطوات تطبيع العلاقات بين أنقرة وباقي الدول التي توترت العلاقات بها في الفترة الأخيرة.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، تأتي الخطوة التركية تجاه السعودية بعد خطوات مماثلة تجاه مصر والإمارات، وكان هناك توقعات بشأن هذا التقارب، بعد خطوة أنقرة بتحويل ملف محاكمة خاشقجي الذي كان سببًا رئيسيًا في توتر العلاقات بين البلدين إلى المحاكم السعودية.
وأوضح أن تركيا تمر بأزمة اقتصادية، وترحب بتطبيع العلاقات مع كل الدول لا سيما الخليجية وفي مقدمتها السعودية، لفتح الباب أمام حلحلة الأوضاع، وتتوقع نتائج اقتصادية ملموسة نتيجة هذا التقارب والتطبيع.
واعتبر أن المملكة هي الأخرى ستستفيد من تطبيع العلاقات مع تركيا، لا سيما في عدد من الملفات مؤكدًا أن تركيا باتت منفتحة على فتح صفحة جديدة مع جميع الدول وخاصه بالسعوديه، لتحقيق استفادة للجميع.
علاقات إقليمية جديدة
بدوره قال يحيى التليدي، المحلل السياسي السعودي، إن التوسع غير المحسوب في بسط النفوذ ونشر الهيمنة يكسر الدول من المنتصف ويضر بقوتها ومكانتها، وترميم الانهيارات التي تحدث جراءه يستنزف الدول سياسياً واقتصادياً لفترات طويلة في المستقبل، ويمكن اعتبار تركيا نموذجًا في هذا السياق، فاليوم الاقتصاد التركي متضعضع والليرة التركية في مستويات غير مسبوقة من الانخفاض وموارد تركيا ضاعت على أوهام التوسع وبسط النفوذ ومعاداة الدول العربية المهمة.
وبحسب حديثه لـ “سبوتنيك”، التغيرات الكبرى في العالم تحتم النظر بواقعية وصدق وندية في كل العلاقات الثنائية في المنطقة خاصة بعد تراجع الدور الأمريكي والأزمة الأوكرانية.
وقال إن زيارة الرئيس التركي إلى السعودية، الخميس، لا ينظر لها كمحطة لعلاج ما شهدته علاقات البلدين من توتر، بل كمنطلق يعيد الوهج لعلاقة الشراكة بين السعودية وتركيا كقوتين إسلاميتين بارزتين سياسيًا واقتصاديًا في الإقليم والعمل على إعادة التعاون والشراكة بين البلدين في كل المجالات.
وتابع: “بل ويمكن القول إن زيارة الرئيس أردوغان إلى جدة سيتجاوز أثرها السياسي، ويتجاوز موضوعها الاقتصادي التعاون الثنائي، لتكون منطلقا لخريطة علاقات إقليمية جديدة قد ترسم ملامح مختلفة لكامل المنطقة”.
وتشهد المنطقة منذ فترة حراكا دبلوماسيا مكثّفا ينفتح على أساسه الخصوم على بعضهم، وتشكل تركيا مركزا رئيسيا لهذا الحراك، عقب سنوات من العلاقات المتوترة مع بعض قوى المنطقة.
وقد نجحت في هذا الإطار في تطبيع العلاقات مع الإمارات، فيما تخوض محادثات مع مصر، بعد أن قطعت مسافة ملحوظة في سبيل استعادة العلاقات مع إسرائيل